لي الكثير من التعاملات مع المسلمين بحكم قضاء فترة طفولتي وشبابي بينهم(...) وما أدركته و علمته من أصدقائي وأقراني المسلمين أن تعريف الله لديهم هو بالأساس نقيض للعقائد الأخرى ورافض لتعريف العقائد الأخرى للإله وأنا أود الاستفادة من علمك الغزير.
بالنسبة للسؤال: لماذا يتعارض مفهوم الله في الإسلام مع مفهوم الإله في الأديان الأخرى؟
في الحقيقة هناك فهم خاطئ بأن مفهوم الله سبحانه وتعالى في القرآن يتعارض مع الأديان الأخرى. إنه يتعارض مع ممارسات الأديان الأخرى، ولكنه لا يتعارض مع الكتب المقدسة للديانات الأخرى. لأنه ولسوء الحظ أتباع معظم الديانات سواء أكانت المسيحية أم الهندوسية أم غيرها لا يقرؤون كتبهم المقدسة، وبالتالي, إذا حللنا ممارسات غير المسلمين نجدها تتعارض.
إن أردت معرفة مفهوم الإله في أي دين من الأديان فالأفضل هو أن تحاول معرفة ما ورد في الكتاب المقدس لذاك الدين عن الإله. لا تحاول معرفة مفهوم الإله من خلال مراقبة ممارسات أتباع ذاك الدين.
#مفهوم_الإله_في_السيخية
فمثلاً, إذا أردت معرفة مفهوم الإله في الديانة السيخية فإن المرجع الأفضل لذلك هو كتاب غورو غرانث صاحب. إذا قرأت المجلد الأول, الجزء الأول, الآية الأولى من غورو غرانث صاحب المعروف باسم "جابجي".. ما الذي تقوله الآية؟ تقول أن الإله واحد, يدعى الحق يدعى بالأبدي, هو حي هو رحيم, متعالٍ عن الخوف والحزن. وإذا كنت تعرف عن السيخية فالسيخية تؤمن بإله واحد ولا تؤمن بعبادة الأصنام ويدعى هذا الإله في هيئته الظاهرة "إك أونكار" ويدعى في هيئته الباطنة "أونكارا"، وإذا قرأت الكتب المقدسة السيخية هناك سمات عدة للإله القادر إذا قرأت الكتب الست المقدسة الإله القادر يدعى باسم: "سا - تا - نا - ما"، ويدعى بــ "الاسم المقدس"، و يدعى "سكارتار" الخالق ، و يدعى الرحيم و الكريم، و يدعى أيضاً "واهي غورو" أي الإله الواحد الحقيقي. إذاً لو عدت إلى الكتاب المقدس للسيخية لوجدت أن مفهوم الإله واحد في كل من السيخية والإسلام.
#مفهوم_الإله_في_الهندوسية
في الهندوسية أيضاً.. إذا عدت إلى الكتب المقدسة الهندوسية فقد ورد بشكل واضح في "أوبانيشاد - شاندوغيا" الجزء السادس, القسم 2, الآية 1 " الإله واحد لا ثانٍ له " ، وقد ورد في اوبانيشاد - سفيتاسفتارا الجزء 6. الآية 9 "لا آباء لذاك الإله لا يعلو عليه أحد ولا يسوده أحد"، و ورد في اوبانيشاد - سفيتاسفتارا الجزء 4, الآية 19 وكذلك في ياجورفيدا, الجزء 32, الآية 3 : "نا تاسيا براثيما أستي" أي لا يوجد "براثيما" لهذا الإله. " براثيما" في اللغة السنسكريتية تعني رمز, صورة, لوحة وصف, لوحة للوجه, صنم, تمثال, نحت. إذاً ورد "نا تاسيا براثيما أستي" أي ليس للإله رمز، أو رسم أو لوحة للوجه، أو صورة أو نحت، أو صنم، أو تمثال. ومع ذلك، للأسف تجد الهندوس يعبدون الأصنام، من المُلام؟ أنا أقتبس من الفيداس و هو أعلى سلطة بين كل كتب الهندوس. ومع ذلك، تجد الهندوس يقومون بعبادة الأصنام. لماذا؟ لأن علماء الهندوسية يقولون:"أترى أخي كما تعلم، فإنه في مستوى المبتدئين لا يستطيع الناس الإدراك وبالتالي، من أجل التركيز نحتاج للصنم وعندما نبلغ مستوى إدراك أرقى لن نحتاج للصنم بعدها". وانا اخبر علماء الهندوسية هؤلاء أننا نحن المسلمون، بلغنا مستوى إدراك أرقى. إنها أسس الهندوسية، أسس الفيداس، ولكن هناك بعض الطوائف الهندوسية مثل آريا ساماج تستنكر كلياً عبادة الأصنام.
#مفهوم_الإله_في_المسيحية
وبالمثل، لو قرأت الكتب المسيحية فستجدها تعارض عبادة الأصنام. ومع ذلك تجد أن الكاثوليك يصنعون رمزاً للإله ويقولون أن عيسى (عليه السلام) هو الرب. ولو أنك عدت لكتب المسيحية، فإن منظور المسيحية والإسلام بشأن عيسى (عليه السلام) متشابه ولكن معظم المسيحيون يزعمون أن عيسى (عليه السلام) ادعى الألوهية. في الحقيقة، لو قرأت الكتاب المقدس لا توجد عبارة واحدة واضحة التأويل في الكتاب المقدس كله يقول فيها عيسى (عليه السلام) عن نفسه: "أنا الرب" أو "اعبدوني". إذا استطاع أي مسيحي أن يشير إلى أي عبارة واحدة واضحة التأويل، إلى أي عبارة لا يعتريها الشك في الكتاب المقدس يقولها عيسى (عليه السلام) على لسانه: "أنا الرب" أو "اعبدوني" فلسوف أعتنق المسيحية اليوم. في الحقيقة، لو قرأت الكتاب المقدس فلقد ذُكر بشكل واضح في كل من:
- إنجيل يوحنا، الإصحاح 14، العدد 28 أن عيسى (عليه السلام) قال “أبي أعظم مني”.
- وفي إنجيل يوحنا، الإصحاح 10، العدد 29 “ أبي هو أعظم من الكل”.
- و في إنجيل متى، الإصحاح 12، العدد 28 “ أنا بروح الله أخرج الشياطين”.
- وفي إنجيل لوقا، الإصحاح 11، العدد 20 “كنت بأصبع الله أخرج الشياطين”.
- وفي إنجيل يوحنا، الإصحاح 5، العدد 30" أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئا كما أسمع أدين، ودينونتي عادلة لأني لا أطلب مشيئتي بل مشيئة الآب الذي أرسلني" أي شخص يقول: " لا أطلب مشيئتي بل مشيئة الله" يعتبر مسلم. إذاً، عيسى (عليه السلام) كان مسلماً هو لم يدع الألوهية بتاتاً.
- ولقد ورد بشكل واضح في سفر أعمال الرسل الإصحاح 2،العدد 22 "ايها الرجال الاسرائيليون اسمعوا هذه الاقوال يسوع الناصري رجل قد تبرهن لكم من قبل الله بقوات وعجائب وايات صنعها الله بيده في وسطكم، كما انتم ايضا تعلمون".
إذاً، لو قرأت الكتاب المقدس فستجد اليهودية والمسيحية تؤمنان بإله واحد، ليس له رمز.
- فقد ذُكر بشكل واضح في سفر التثنية الإصحاح 5، الاعداد 7-9 " لا يكن لك آلهة أخرى أمامي لا تصنع لك تمثالا منحوتا صورة ما مما في السماء من فوق وما في الأرض من أسفل وما في الماء من تحت الأرض لا تسجد لهن ولا تعبدهن لأني أنا الرب إلهك إله غيور"ـ
لمزيد من التفاصيل، تستطيع الاستماع إلى محاضرة ابني " مفهوم الإله في الديانات الرئيسية في العالم"، سيلقي ابني محاضرةً تفصيليةً وهذه فقط مقتطفات عن نفس الموضوع. ـ وستجد أن المفهوم واحد: نؤمن جميعاً بإله واحد، ليس له رمز، ونعبده وحده وما من سواه. آمل أن أكون قد أجبت السؤال.
من محاضرة: اسأل د. ذاكر في مومباي.