203 - 7 هل منع الحمل مسموح في الإسلام؟ لماذا يرفض المسلمون بعض طرق منع الحمل ؟ عدد القراء :195

الرئيسية

السؤال :

مساء الخير، أنا الطبيبة "كلتنا"، أريد أن أسأل أسئلة في المجال الطبي، هل منع الحمل (تنظيم الأسرة ) مسموح في الإسلام؟

ولماذا -عمومًا- يفضل الناس إنهاء الحمل بالأدوية بدلا من منع الحمل بعقد الانبوب (منع حمل دائمي)، ومن الصعب جدّا إقناعهم حيث أن عقد الأنبوب سهلٌ جدًا عليهم مقارنة بإنهاء الحمل بالأدوية، لماذا؟



-----------------------------------------------------

الجواب :

الأخت طبيبة وتتحدث بمصطلحات [طبيّة] مختصرة وهي غامضة لمعظم الحضور، ولكني طبيب وأفهم ما تقصده.


أختي بالنسبة لسؤالك عن مفهوم منع الحمل ( تنظيم الأسرة ) في الإسلام، ولماذا من السهل إقناع المسلمين بالقيام بـإنهاء الحمل بالأدوية بدلا من عقد الأنبوب وهي طريقة منع حمل دائمية، سأجيب عنهما معاً.

إنه مفهوم كبير جدًا : تحديد النسل أو منع الحمل أو تنظيم الأسرة، عموما الناس تنظم الأسرة وتمنع إنجاب الأطفال، إذن ماذا يقول الإسلام عن ذلك؟ مادمنا نتحدث عن تنظيم الأسرة (منع الحمل) فإن كل الطرق الدائمة سواء كانت عقد الانبوب عند الأنثى او استئصال القناة الناقلة للمني عند الذكر، أي طريقة دائمة لمنع الإنجاب محرمة في الإسلام.


ثانيًا، أي إجهاض وأي إنهاء حمل بالأدوية محرم لأنه يعتبر قتل روح باستثناء إذا كان هنالك خطر على حياة الأم. إذا كانت حياة الأم في خطر كونها أجرت عدة عمليات قيصرية..[مثلا] إذا قال الطبيب بأنها قد أجرت 4 أو 5 عمليات قيصرية، وأي عملية أخرى قد تجعلها تخسر حياتها؛ أو قد تعاني من مشاكل في القلب ولا تستطيع المخاطرة بحمل آخر.. إذن في هذه الحالة الشريعة الإسلامية تقول: درء المفاسد مقدم على جلب المصالح. حياة الأم أهم من الحياة التي ستأتي لهذا العالم. في هذه الحالة، هذه الطرق من الممكن أن تستخدم كـآخر حل. أي طريقة دائمة سواء كانت عقد أنبوب أو استئصال القناة الناقلة للمني عند الرجل او إنهاء الحمل بالأدوية مسموحة فقط في هذه الحالة، في أي حالة أخرى هي غير مسموحة.


لماذا كل هذه الطرق محرمة؟ لأن القرآن يقول بوضوح في سورة الأنعام 6 الآية 151: ( وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ) الله تعالى كرر الرسالة في سورة الإسراء 17 الآية 31: ( وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم). قتل الأطفال من كبائر الذنوب اعتمادًا على ذلك، قتل أي إنسان محرم حتى الروح التي ستأتي إلى هذا العالم.


أما عن الوسائل المؤقتة فالفقهاء لهم آراء مختلفة؛ أولا الأكثر شيوعًا: اللولب الرحمي. عندما كنت في الكلية الطبية عُلِّمنا بأنها منع للحمل ولكن ما يحدث في اللولب هو أن البويضة والحيوان المنوي قد اندمجا ليكونا البويضة الملقحة لكن اللولب يمنع البويضة الملقحة من الالتصاق بجدار الرحم، إذن هو ليس سوى إجهاض مبكر. إسلاميًّا هؤلاء الأشخاص الذين يلمّون بالعلوم الطبية يعلمون أن حتى اللولب محرم. بما أن هنالك وسائل مؤقتة مختلفة مثل الواقي الذكري.. الخ. مرةً جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له : أنا اعتدت القيام بالعزل، أي ان السائل المنوي لا ينزل داخل الزوجة، فسكت النبي صلى الله عليه وسلم، الفئة المؤيدة لوسائل منع الحمل المؤقتة فسروا صمته بإعطاء الإذن، أما الفئة الأخرى فسروا صمته بعدم إعطاء الإذن .. آراء مختلفة.


لكن سأعود للأساس ، مالذي يدعو أي شخص للقيام بتحديد النسل؟ هذا هو السؤال الاساسي. عادةً يصفُ الطبيبُ الأسبرين للمصاب بالصداع أو غيره، إنه ليس علاج ، إنه تخفيف للأعراض عن طريق رفع عتبة الألم فلا يشعر المريض بالألم، ولكن ذلك في الحقيقة ليس علاجًا للمرض. أفضل طريقة للعلاج هي قتل الجراثيم أولًا.

لنحدد لماذا يريد أي شخص القيام بتحديد النسل. أيًّا كان السبب يمكنك تصنيفه ضمن صنفين أساسيين: الصنف الأول من أجل الفقر. أنا فقير، بالكاد أكسب ما يفي بحاجتي ، فإذا رزقت بأطفال سأموت. الصنف الآخر أثرياء. ليس لدي مشكلة مالية ، ولكن أريد أن أجعل إبني طبيبًا أو مهندسا، إذن بتحديد النسل يمكنني تربية أبنائي بشكل أفضل. إن شاء الله سنناقش كلا الحالتين.


بالنسبة للصنف الأول : الفقراء ، الإسلام لديه الحل لهذه المشكلة. في الإسلام ثالث ركن من أركان الإسلام الزكاة كل شخص ثري يدخر مبلغًا يفوق النصاب، أي يفوق 85 غرام من الذهب عليه أو عليها أن يدفع %2.5 من ماله كصدقة كل سنة هجرية. لو دفع كل إنسان ثري الزكاة فسينتهي الفقر في هذا العالم، ولن يبقى أي شخص يموت من الجوع. إذا كانت المشكلة هي الفقر فالإسلام لديه الحل. الشخص الذي يأخذ الزكاة لن يقل مقداره، والشخص الثري المُزَكّي لا يتفضّل بزكاته على الفقير؛ لأن الله أعطاه الثروة، وهذا واجبه، وهو لا يتفضّل على الفقراء وعندما يأخذ الفقراء الزكاة فهذا هو حقهم. إذا كان الفقر هو المشكلة فلدينا حل وهو الصدقة الاجبارية وهي الزكاة إذا تزكى كل ثري في العالم، سيقل الفقر ولن يموت أي إنسان من الجوع.

اقتبست سابقًا آيتين من القرآن سورة الأنعام 6 الآية 151 ، وسورة الإسراء 17 الآية 31 . كما يبدو أن كلتا الآيتين متشابهتين، ولكن في الحقيقة هناك فرق بينهما.. الفرق الأول في سورة الأنعام 6 الآية 151 : ( وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ). و سورة الإسراء 17 الآية 31 تقول ( وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم ) الترتيب مختلف، الآية الأولى تقول (أنتم وأولادكم)، أما في سورة الإسراء فتقول (أولادكم وإياكم). للوهلة الأولى تبدو متشابهة، ولكن لماذا عكس الله سبحانه وتعالى الترتيب؟ هناك حكمة وراء كل شيء. قال المفسرين بخصوص الآية الأولى في سورة الأنعام 6 الآية 151 بأنها تعود للفقراء؛ [فالفقير يقول] إذا أنجبت المزيد من الأطفال سأموت أنا وأطفالي. الله تعالى قال: لا تقلقوا، ولا تقتلوا أولادكم خشية الفقر فالله يرزقكم وإياهم. الآية الأولى تعود للفقراء، أما الثانية تعود للأثرياء. [فالثري يقول] ليس لدي مشكلة مالية ، ولكن إذا كان لدي أطفال أقل سأجعلهم أطباء ومهندسين الله تعالى يقول ( وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم ) الترتيب مختلف (...) هذا هو الصنف الثاني.


لمعلوماتكم فقط ، أود أن أخبركم أني الابن الخامس لوالديّ، لو قام والديّ بتحديد النسل ما كنت لأكون هنا هل تظنون بأني نعمة أم نقمة على المجتمع؟ في العالم والمجتمعات أفضل مهنة هي الطب وأنا طبيب بشري الحمدلله، حتى مع كوني الابن الخامس استطعت أن أصبح طبيب الحمدلله أصبحت طبيبًا لأخدم البشرية، ولكن وجدت تخصصًا أفضل، الله تعالى يقول في سورة فصلت 41 الآية 33 {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}، عندما وجدت تخصصًا أفضل تغيرت من طبيب للجسد إلى طبيب للروح، لو كنت طبيب بشري أن متأكد أن العديد لن يأتوا لمحاضرتي هذه، هم جاءوا لأني تغيرت من طبيب للجسد إلى طبيب للروح. أنأ أسألكم: أنا الابن الخامس لعائلتي، هل أنا نعمة أم نقمة على المجتمع؟


الناس لديهم سوء فهم، إذا كان لديك أطفال أقل تستطيع تربيتهم بطريقة جيدة ! إذا رأيتم قائمة الفائزين بجائزة نوبل ، والأشخاص المكرمين.. الأفضل في العالم والعلوم والرياضة هم ليسوا الأبناء الأوائل ولا الوحيدين، ربما بعضهم، وبعضهم يمثلون الابن الثاني أو الابن الثالث أو الخامس، هم خليط من ذلك.


الله سبحانه وتعالى وهب طريقة طبيعية للتنظيم في الإسلام عندما يولد الطفل يجب على أمه إرضاعه. ولكن اليوم في العصر الحديث لايريدون القيام بالرضاعة الطبيعية لأنها تخرب الشكل. أفضل غذاء للطفل حسب الدراسات الطبية هو حليب الأم، وإذا ارضعت الأم طفلها تلقائياً سيكون هناك انقطاع الطمث الإرضاعي، وكونكِ طبيبة تعرفين أن انقطاع الطمث الارضاعي يعني أنها لن تحمل، رغم أنها ليست مضمونة 100% لكن نسبة الحمل فيها قليلة جداً. إذًا الله تعالى منح وسائل تلقائية للتنظيم ( تحديد النسل أو منع الحمل )، والكثافة السكانية يا أختي ليست نقمة بل نعمة. تعلمون.. نقول في بلدنا الهند نحن اثنان و اطفالنا اثنان، بعد الطفل الاول نقول ( الثاني ليس الان ) بعد الطفل الثاني نقول: ( لن ننجب إلى الأبد) هذا شعار في الهند، لأن الحكومة لا تعلم كيف تتعامل مع الكثافة السكانية.

إذا ذهبتم إلى أمريكا.. ستجدون الأطفال يرتدون قمصانًا مكتوب عليها "أنا منقذ الأب من الضرائب" فكلما كان لديك أطفال أكثر ، كلما قلت الضرائب التي يجب أن تدفعها. إذا ذهبتم إلى أستراليا أو كندا.. في اللحظة التي يولد فيها الطفل تعطيه الحكومة مخصص مالي. كل طفل يحصل على مخصص مالي كل شهر، حكومات الولايات المتحدة وأستراليا وكندا تشجع الزيادة السكانية لماذا حكومة الهند تثبطها؟ المشكلة في سياسة الحكومة وليس في الزيادة السكانية. الدولتان اللتان تتنافسان لتصبحا قوى عظمى هما الصين والهند. الصين لديها أعلى كثافة سكانية في العالم، والهند في المرتبة الثانية. اليوم الصين والهند تتنافسان لتصبحا قوى عظمى،لماذا؟ لأنهما تمتلكان طاقات بشرية. الصين والهند تمتلكان طاقات بشرية، لهذا تجد أمريكا ودول الغرب يستثمرون أموالهم هنا لماذا؟ بسبب الكثافة السكانية. إذن الكثافة السكانية نعمة وليست نقمة، حتى لو كنت تريد أبناءك أطباء ومهندسين ، ربما يصبح الابن الخامس أو الثاني هو الطبيب، المسألة ليست أنك إن كان لديك اطفال كثيرين لن تقوم بتربيتهم بشكل أفضل.


هنالك صنف ثالث ، صنف مميز. أحدهم أخبرني.. (د.ذاكر أنا ثري ولا يزعجني إنجاب الأطفال ، ليس لدي مشاكل مالية ولا يهمني إذا ما كان ابني طبيب أو مهندس، أنا أريد أن أستمتع بالحياة). هذا هو الصنف الثالث، قلت له: حتى أنت إذا أردت أن تستمتع بالحياة ، أفضل طريقة هي الزواج المبكر والإنجاب المبكر لتتمكن من التقاعد المبكر، هناك بعض المجتمعات في الهند يتزوجون مبكرًا(19-21 عام) وينجبون الأطفال مباشرة وعندما يبلغون 35-40 عام أطفالهم يحلون محلهم في العمل ويتقاعدون في سن الأربعين بدلا من التقاعد في الستين أو السبعين. في عمر الأربعين أولادهم يحلون محلهم ويمكنهم الاستمتاع بالحياة. حتى إن كنتم تريدون الاستمتاع بالحياة، تزوجوا مبكرًا وأنجبوا الأطفال، و استرخوا واستمتعوا بالحياة.


رأيي الشخصي هو أنني أوافق هذه المجموعة من الفقهاء بخصوص تنظيم الأسرة الله سبحانه وتعالى يقول في سورة آل عمران3 الآية 54 : {وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} اي انهم خططوا و دبروا .. و الله دبر ايضاً , والله افضل المدبرين. إذا كنتم تعتقدون أنكم تستطيعون أن تخططوا للأسرة أفضل فمرحبا، أما أنا فادع تخطيط الأسرة بيد الخالق سبحانه فهو الأفضل. آمل أن يجيب ذلك على سؤالك.


من محاضرة اسأل د. ذاكر في مومباي



اذا كان لديك استفسار او سؤال يخص نفس الموضوع اضغط هنا لأرساله للموقع:

أرسل سؤالاً