السائل :
تحياتي لكم باسم الإله العظيم .. اسمي (بول) وأنا طالبٌ ... لديَ شَكٌ ... أعني بأن مُعظم الناس لديهم .. أعني بأنك تكلمتَ مُسبقاً عن حرية الإرادة وما شابه ذلك ، لدي شكوكٌ بخصوصِ حرية الإرادة .. أَي ماهية حرية الإرادة؟ وهل نمتلك من حرية الإرادة ما يُمَكِّننا من فِعلِ ما نُريد ؟ ... وكما اِقتبَستَ أَنتَ من السورةِ الثانيَةِ من الآيَةِ من القرآن الكريم - 256 : ((لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ)) ... لذلك فإني أبحثُ عنِ الحقيقة ... و (والحق يحرركم ) صحيح؟ وهذا مقتبسٌ من كتاب يوحنا - الإصحاح الثامن الآية 32 صح ؟ أنتَ مُحِق أَعني بأَني لست جيداً مثلك ... في اقتباس الأشياءِ من ... من الكتاب المقدس والقرآنِ وما شابهَ ذلك ؛ ولكني أُريدُ أن أعرفَ ما إن كانت لدينا الإرادة الحرة وماهية الإرادة الحرة؟ والاقتباس الذي ذكرته ((لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)) ما المقصود بالإكراهِ هنا؟ لا أعرفُ ما إن كانت هذه الآية جُرِّدَت من سياقها واقتُبِسَت وما يوجد قبلها وما يليها ؛ لأن صديقي قد ذكرَ لي ما يوجد قبلها وما يليها .....
الدكتور ذاكر :
الأخ لقد سأل سـو ........
السائل :
عندما قلتَ بأَنه لا يوجد إِكراه وكأنك قلت بأنه يجب أن نصلي خمس مراتٍ في اليوم ، صحيح؟ هل من الواجِبِ ذلك؟ ...
الدكتور ذاكر :
لقد طرح الأخ سُؤالين ... السؤالُ الأولُ ما هي حرية الإرادةُ ؟ ... و.. وكما جاءَ في كتاب يوحنا - الإصحاح الثامن - الآية 32 (وتعرفون الحق ، والحق يحرركم) قالها المسيح عيسى وإاقتَبَسَ من القُرآن 256 ( لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ) السورة الثانية, سورة البقرة, الآية ما شاء الله هو يقارن هذا عظيم وذَكَرَ أنهُ يبحث عن الحقيقة وأسأَلُ الإله أَن تحررك هذه الحقيقة . . . بخصوص حرية الإرادة فإنها تعني حرية قيامك بفعل ما تشاء. على سبيلِ المثال : لنقل أني اليوم أَودُّ تدمير العالم بأَكمله ، هل يمكنني ذلك؟ يمكنني أن أحاول ولكن لن أنجح ، فهمت؟ فالإرادة الحرة تعني : قيامك بما هو في وسعك ؛ فكل ما هو بمقدورك تستطيع فعله .. أمّا بخصوص نجاحك في فعله من عدمه ؛ فهذا شيءٌ ثانٍ ...على سبيل المثال أنا بوسعي إلقاء محاضرة .. أنت بمقدورك المحاولة - كما حاولت الاقتباس قبل قليل - أما إن كُنت تستطيع إلقاء محاضرةٍ بأكملها؟ فلا أعلم إن كنت تستطيع ؛ لكن لديك حرية الإرادة في المحاولة .. وبنفس الطريقة ، لديك الحرية في . . . أن تَسرِق ولديك الحرية في أن تكونَ أَميناً . . . لديك حرية الإرادة في القتل ولديك الحرية في إنقاذ نفسٍ بشرية هذه حرية الإرادة خاصتك . . . إذاً حريةُ الإرادة تعني أنه بمقدوركَ فعل ما تشاء من دون أن يجبركَ أحد عليه ، حسناً؟ لا أحد سيجبرك ! والآن بخصوص سؤالك عن الآية ((لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)) السورة الثانية - الآية 256 ((لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ)) ومعنى الآية بأنك لا تستطيع أن تُجبِرَ أحداً على إاعتناقِ الإِسلام بحدِّ السيف ، لا يجوزُ لي أن أُصَوِّبَ مسدساً إلى رأسه وأَقول له : اعتنِق الإِسلام ! هذا لا يجوز . . . لا يمكنني أن أُجبِرَ أحداً لكن . . . عندما أُقَدِّمُ أسباباً منطقية مثلاً . . . يخبرك الطبيب أنتَ مصابٌ بالسكري لا تتناولِ السُكَر فتقول : الطبيب يجبرني أن أمتنع عن تناول السكر !!! نعم ، وتقول : هو يجبرني إذا لم أرغب بسماع نصيحة الطبيب يمكنني الذهاب وتناول الشوكولاته إذن فالطبيب ينصحُكَ هنا . . . فالرجل الذكي لن يتناول السُكر أو سيقلل من تناوله . . . لكن الطبيب لا يستَطيعُ إجباره . . . أخي ...وأنت تنظر للأسفل !
السائل :
لا ! أنا أُحاوِلُ أن أُرَكِزَ معك قدر الإمكان أكثر من أي شيء آخر ..
الدكتور ذاكر :
حسناً اذن فالمقصودُ هنا أنّهُ عندما يخبرك الطبيب . . . بشيءٍ تستطيع اَن تَـدَّعي أن الطبيب أجبَركَ على الامتناعِ عن السُكَر ، ولكن الصواب أن الطبيب قام بنَصحِكَ وأنت تتبعُ نصيحَتهُ . وبنفس الطريقة هل أنا مُجبَرٌ على الصلاةِ خمسَ مراتٍ كل يوم؟ بالنسبَةِ للمُسلِم : نـعم ! الصلاة فَرضٌ ولكن هل الفَرضُ هنا بمعنى الإِكراه؟ لا ! ليس المقصود الإكراه بالقوة إن كانَ لا يرغَبُ بذلك ؛ لن يصلي ! يستطيعُ ان يقول إني لا أُؤمِنُ بالله ، لا يستطيعُ أحَدٌ إِكراهَهُ ؛ ولكن لأنَهُ يوافِقُ على النِظام ككل إن أديتُ الصلاةَ خمسَ مراتٍ ؛ فإني أَتَبِعُ توجيهات الله سبحانه وتعالى أنا على الصِراطِ المستَقيم لذلك أُصَلي خمس مراتٍ في اليوم ؛ كما هو الحال عندما ينصَحُكَ الطبيب لا تتناولِ السُكَر إن رَغب أن يتبَعَ نصيحَتَهُ فهو حر يتَوَجَبُ عليكَ الصوم إنها نصيحَةٌ من الإله العظيم كما في السورة الثانية - سورةُ البقرة - الآية 183 : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا)) .. ((كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)) فتزداد التقوى ؛ لذا فإني أصوم لا أحد يستطيعُ إجباري بالسلاح على الصوم ... هل الصوم فرض؟ نـعَم ! إنه كذلك للمسلم ، ولكن هل هذا الفرض هو إكراه في الدين؟ . . . لا .. لا أحد يستطيعُ إجباري أو إكراهي على الصوم بالقوَةِ الجسَدية ، إذن ما جاءَ في الآية المقصودُ منه : الإكراه بالقوَةِ الجسَدية ، لا يَجوز لأحَدٍ أن يُجبِرَ أحداً بالقوة الجسدية على القيام بشيء ما ؛ فذلك يعود لإرادته الحرة . . .
السائل :
إذاً لماذا . . . ما السبب في لماذا يكون الصوم فرضاً و. . . ؟
الدكتور ذاكر :
هناك نوعان من الإجبار : إجبارٌ بالمنطق والعقل وإجبارٌ آخر بالقوة وما يتكلم عنه القرآن في الآية هو الإكراه بالقوَةِ الجسدية ، ولكن عندما ينصحك الطبيب بالإمتناع عن السُكَر هل هذا فرض؟ نعم ! فالطبيب ينصحُك بالامتناع عن تَناولِ السُكَر .. هل الطبيب يفرُضُ عليك ذلك؟ حرفياً نـعم ؛ ولكن بالمنطِق وليس بالسِلاح صحيحٌ أم خطأ؟ فالطبيب يقول من الواجِبِ عليك الامتناع عن تناول السُكَر إن كنت تُؤمِنُ بالطبيب ستتبعُ نصيحته وإن كنت لا تُؤمِنُ به فستتجاهلها . . . بنفس الطريقة فهذه نصيحة أعطاها لنا الإله العظيم في القرآن فإن كنت تُؤمِنُ بأنَ الإله العظيم هوَ الخالِق فستتبِعُ نصيحته ، وإن كنت لا تُؤمِنُ به فستمتنع عن ذلك . إذاً فكل من هو مُسلِمٌ هو شخص يسّلِم إرادته للإله العظيم .. الإرادة الحرة التي وهبها الإله لي تمكنني من معارضة أوامر الإله أو أتَبِعُ أوامِرَهُ فبعد أَن وَهَبَني الإله حُريةَ الإرادة إن إتبعت أوامره وتعاليمه ؛ فأنا بذلك مسلم فالمسلم هو من يُسَلِمُ إِرادته للإله العظيم ؛ فلا وجود لإكراه جسديٍ ضدي فالإكراه الذي ورَدَ في السورة الثانية - سورة البقرة - الآية 256 المقصودُ بهِ الإكراهُ الجسَدي وليس المقصود به ما يفرض بحجة العقل والمنطق .........ما ناتج 2 + 2؟
السائل :
4
الدكتور ذاكر :
وهل الناتج 4 إجباري؟ . . . أعني . . . صحيح, هذه إرادتي الحرة أن أختار صحيح ، فبإرادتك يمكنك أن تقول الناتج 3 صحيح وتستطيع أن تقول 5 أيضاً
السائل :
إن إِدَعيتُ بأن الناتج هو 3 ؛ فيتوجب عليَّ إثبات ذلك ، صحيح؟
الدكتور ذاكر :
حتى وإن لم تُثبِت ذلك ، يمكنك أن تقول 3 لن يفعل لك أحدٌ شيئاً !
السائل :
لم أفهم سيدي ؟!
الدكتور ذاكر :
يمكنك أن تقول أن الناتج 3 دون أن تُثبِتَ ذلك ولن يفعل لك أحدٌ شيئاً !! إن قُلتَ أن 2 + 2 يساوي 3 بشكل غير منطقي فماذا سيفعلون بك؟
السائل :
لكن حينها سيقولون أنه لا يَعرِفُ الرياضيات !
الدكتور ذاكر :
حتى لو ! مع ذلك يمكنك أن تقول ذلك تستطيع قولَ ذلك أم لا؟
السائل :
نعم هذه إرادتي الحرة لكن الناس الذين . . .
الدكتور ذاكر :
نعم هذه حرية الإرادة خاصتك ، هذا صحيح هذا ما أردتُ قوله لو قلتَ أن ناتج 2+2 يساوي 3 سيقول الناسُ أنه لا يعرفُ الرياضيات إذن إن قلت أن ناتج 2+2 يساوي 4 . . . فذلك ليس إكراهاً وبنفس الطريقة إن صليتَ خمسَ مراتٍ في اليوم فأنت مسلم وإن قلت لن أُصلي خمس مرات فأنت لستَ مسلماً بهذه البساطة فهذا يسمى إجباراً يستند على العقل والمنطق ؛ فكما أنك تعلمتَ أنَ ناتج 2+2 يساوي 4 هو فرض لماذا؟ لأن هذا جوابُ كل من يعرف الرياضيات ومن لا يفـقَه شيئاً في الرياضيات سيقول أن ناتج 2+2 ليس 4 قد يقول أنَ الناتج هو 5 أو يقول 6 إذاً فهذا مفروضٌ بحكم الأدلة العقلية والمنطقية والإيمان فهمت؟ أتمنى أني أجبتُ عن سؤالِكَ
السائل :
. . . لا, فـ . . . نعم,
الدكتور ذاكر :
لماذا هل لديكَ سؤالٌ جديد؟ . . .
السائل :
لا, ليس سؤالاً جديداً ولكن
الدكتور ذاكر :
ألم أُجِبكَ عن سُؤالكَ أم لا؟
السائل :
نعم سيدي,
الدكتور ذاكر :
حسنا أجبتُ عن سؤالك لديك سؤالٌ جديد؟ لا مشكلة, يمكنك السؤال . . .
السائل :
حسناً, ما أقوله هو أن يقال . . . أنت تقول الآن أنه نصلي 5 مرات ماذا لو قلت أنا أنه يجبُ أن نصلي 10 مرات ؟ نعم ولكني لا ألتَزم بمواقيتِ الصلاة ، أي لا أصلي العصر وقت العصر ولا المغرب وقت المغرب . . . ولكني أُصليها . . . و أُصليها عند تناولي وجبة الغداء ، فأتلو صلواتي قبل الأكل عند جلوسي أو وقوفي أو عندما أمشي أو عندما أركض حسناً . . . إذاً إذاً لماذا هذه الكلمة بالذات (فرض) خمس مرات في كل يوم ؟
الدكتور ذاكر :
حسناً إذا لو قال لك الطبيب: لا تتناول السُكَر. وتجيبه أنت : حسناً لن أتناول السُكَر ولا المِلح ولا الأرُز وسأموت ..... امتنعُ عن السكر، حسناً، لن أتناول السُكَر ولا الأرُز ولا الخبز ولا الأكل ولا الخضراوات ولا ولا ... سيموت هذا الشخص بالتأكيد ! لذا ، لا يحِقُ لك أن تبالغ فعندما يقول طبيبك امتنع عن السُكَر ، حسناً في هذا الوقت بالتحديد تناول دواءك يمكنك تناول السُكَر في كذا وكذا وقت تناوله بكمية معينة فالطبيب يعلم ما يفعل . . . والآن أنتَ تحاولُ أن تكون أذكى من الخالق من الإله العظيم .. هو يعرف أفضل مني ومنك ، فإن قلت لا لا سأفعل كذا وكذا . . . فأنت من سيعاني ؛ فالطبيب يعرف عن الجسم البشري والخالق العظيم أفضل من يعلم بنا فهو من خلقنا وهو من يقدِمُ النصيحة . . . إن إلتَزَمت فستسمى مسلماً الذي يُسَلِمُ إرادته للإله العظيم ، وإن لم تلتزم فلا وجود للإكراه بالقوة الجسدية لا أستطيعُ إكراهكَ على إعتناقِ الإسلام ، هل أستطيع ذلك؟ لا لا ، لا يمكنك ؛ لأن لي حرية الإرادة صحيح . . . فبحرية الإرادة من الناس من يرضى بجوابي ويتقبله ليس من الضروري أنت تتقبله أنت أيضاً غداً إن رضيت ، أنت باحِثٌ عن الحقيقة صحيح؟ أنت باحِثٌ عن الحقيقة ، والحقيقة ستحررك بدورها لأني سأسأل وأبحث وأتعلم عندما تقتنع نرحب بذلك سأنتظر يومك الذي تقتنع به .. آمل ذلك، إن شاء الله .