189 - لماذا يخلق الله المعاقين والفقراء؟ عدد القراء :295

الرئيسية محاضرات د.ذاكر نائيك | مفرغة محاضرة الهدف من الخلق

السؤال :

يأتي السؤال الذي يسأله الناس : " كيف يكون الله عدلاً بأن يجعل أحدهم في عائلة فقيرة والآخر في عائلة غنية ,  و البعض ولد معافى في صحته والآخر مريض ..  إن هذا غير عادل و إن الله سبحانه وتعالى غير عادل,  فكيف يفرق بين البشر؟ "

-----------------------------------------------------

الجواب :

 نعلم أنه في هذا العالم الحياة والموت و الصحة والمرض و الغنى والفقر .. كل هذه اختبارات , و يقول الله في القرآن في سورة الأنفال سورة 8 اية 28 (( وَاعلَموا أَنَّما أَموالُكُم وَأَولادُكُم فِتنَةٌ )) .. فتنة أي اختبار  .

 و يقول الله في سورة المنافقون سورة 63 اية 9 (( يا أَيها الذين آمنوا لا تلهِكُمْ أَموالُكُمْ ولا أَولادكمْ عن ذِكرِ اللَّـهِ ))

الله سبحانه وتعالى يختبر الناس المختلفة بطرق مختلفة ..  أحد الاختبارات : إذا سألت أحدهم ماهي أفضل الأعمال, وسواء كان الشخص يؤمن بالله أو لا سيقول أن من الأعمال الجيدة هي الصدقة ...  سيذكر عدة أعمال وستكون من ضمنها الصدقة , كيف يختبر الله سبحانه وتعالى البشر إذا كانوا يقوموا بالزكاة أم لا؟

 إذا كان كل البشر متساوون في الثروة , إذن أين الاختبار؟ سيحدث الاختبار فقط إذا كان هناك فقراء و أغنياء ,  فالله سبحانه وتعالى يختبر الناس بطرق مختلفة .. ربما البعض ولد في عائلة غنية و لديهم ثروة , والبعض ولد فقيرا لكن الغني  طبقا للشريعة الإسلامية فإن أحد أعمدة الإسلام هو الزكاة .. هو أن أي شخص غني لديه مدخرات أكثر من النصاب مما يعادل 85 جرام من الذهب .. هو أو هي يجب أن تخرج 2.5% من هذه المدخرات كلّ سَنَة قمريّة في أعمال خيريّة.

 الشخص ربما يكون مليونير أو ملياردير , هو ربما يخرج الزكاة المطلوبة ولكنه لا يخرج الزكاة كلها بل جزء صغير , ربما 20% من الزكاة . فيفشل في الاختبار.

 و بعضهم ربما لا يخرج أي زكاة أصلا , بالتأكيد فشل في الاختبار.

 

الشخص الفقير غير مطلوب منه أن يعطي زكاة على الإطلاق فيحصل على درجة كاملة في هذا الاختبار .. لكننا نحن البشر نقول يا له من مسكين أنه فقير ..  لابد أن لديه مشاكل كثيرة في الحياة ,  و نتطلع إلى الشخص الثري .. قال نبينا الحبيب أن دخول الغني للجنة أصعب من دخول الفقير إليها .... يقول القرآن في سورة الأنفال سورة 8 اية 28 (( وَاعلَموا أَنَّما أَموالُكُم وَأَولادُكُم فِتنَةٌ ))

نحن حمقى عندما نظن أن هذا الشخص غني , لقد أنعم الله عليه ... إنها فتنة (اختبار)  ,  إذا لم يستخدم هذه النعم التي أنعم الله عليه بها  ستكون نسبة رسوبه في الاختبار عالية جداً .

مثال على ذلك: الأسئلة التي جاءت في الامتحانات منذ سنتين ..  جاءت أسئلة صعبة جداً ومعظم الطلبة لم يستطيعوا الإجابة , و السنة التي تلتها لم تأتي هذه الاسئلة ..  إنه من الحماقة أن نقول بحزن " لماذا لم تأتي هذه الأسئلة الصعبة؟" يجب أن تكون سعيداً لأنها لم تأتي .. إذن الثروة هي امتحان ,   معظم الناس الذين ليس لديهم ثروة من السهل لهم دخول الجنة أكثر من الغني .

إذن فالله يختبر الناس المختلفة بطرق مختلفة,  لذلك الله يقول(( يا أَيها الذين آمنوا لا تُلْهِكُمْ أَموالُكمْ ولا أولادكمْ عن ذِكْرِ اللَّـهِ )) .. إنها اختبار لهم .

الاختبار الآخر هو الرضا , و قال نبينا الحبيب صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري المجلد 8 الحديث 447 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (  لَوْ أَنَّ لاِبْنِ آدَمَ وَادِيًا مِنْ ذَهَبٍ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَادِيَانِ، وَلَنْ يَمْلأَ فَاهُ إِلاَّ التُّرَابُ) ..  فمهما كان غنياً ..  دعه يكن أغنى رجل في العالم فإنه سيبحث عن ثروة أكبر ..  الإنسان غير قنوع و المعظم كذلك .

يقول الله في القران في سورة النساء سورة 4 اية 32 (( ولا تتمنّوا ما فضَّلَ اللَّـهُ بِهِ بعضَكُمْ علىٰ بعضٍ )) .. نحن نقول يارب قد جعلت فلاناً ثرياً ولديه سيارة رائعة , فلا تسأل من الله ما فضله به عليك , إن ذلك خسارة لك .

وقال نبينا الحبيب صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري مجلد 4 حديث 7070 ((انظروا إِلى مَن هو أَسفلَ منكم, ولا تنظروا إِلى مَنْ هو فوقكم، فَإِنه أَجدرُ أَنْ لا تزدروا نِعَمَ اللَّهِ عليكم )).. إذًا النبي قال انظروا إلى من هم أسفل منكم لذا ربما تنظر إلى شخص ليس لديه سيارة فتقول الحمد لله أنا على الأقل لدي سيارة صغيرة..  لا تنظر إلى شخص معه مرسيدس و تقول ياااه لماذا ليس لدي مرسيدس؟

هذا الشخص ليس لديه سيارة, على الأقل أنا لدي واحدة, أي أنك ستكون شاكراً لله .

اللحظة التي تنظر فيها إلى من لديه مرسيدس ستقول ياااه لماذا لم يعطني الله مرسيدس؟

إذن انظر اإلى من هم أقل منك ثروة فذلك سيعينك على ذكر الله سبحانه وتعالى , إنها طبيعة البشر و هناك حكاية أن رجلاً يشتكي لأن ليس لديه حذاء.. حتى رأى شخصاً ليس لديه أقدام .. شخص يشتكي إلى الله أن ليس لديه حذاء ثم رأى شخصاً آخر بدون أقدام فحمد الله سبحانه وتعالى , أنا على الأقل لدي أقدام.

 إذن القناعة والرضا اختبار ..  قال نبينا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري مجلد 8 (لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ، وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ ) .. مهما يكن لديك فقل الحمد لله , هذا هو المؤمن الحق , المسلم الحق .

 و لكن يمكن أن يسأل أحدهم : "كيف لله سبحانه وتعالى أن يخلق بعض الناس أصحاء و البعض الآخر مريضاً,  ربما لديه مرض في القلب أو يكون معاقاً .. إذن فهل الله بذلك غير عادل؟ "

 

 يقول الله في القرآن في سورة النساء سورة 4 اية 40 (( إِنَّ اللَّـهَ لا يظلِمُ مِثقالَ ذرَّة )) .. هذا فقط اختبار, فالله يختبر اختبارات مختلفة لأناس مختلفة ,  ربما يكون الأولاد المولودون معصومين و بلا ذنوب  , ليس خطأهم على الإطلاق و لكن كما يقول القرآن في سورة الأنفال سورة 8 اية 28 (( إِنَّما أَموالكم وأَولادكم فِتنَة )) .. و يكرر الله الرسالة في سورة المنافقون سورة 63 آية 9 (( يا أَيُّها الَّذين آمنوا لا تُلْهِكُمْ أموالكم ولا أَولادكم عَن ذِكْرِ اللَّهِ )) ..إذن لربما يكون اختباراً للوالدين.

 إذن عند حلول أي مصيبة أو فتنة .. إما يكون فتنة (اختبار) وإما عقاب .. لهؤلاء الذين هم بعيدون عن الله سبحانه وتعالى فهو عقاب , و للذين هم على الطريق الصحيح فهو اختبار لهم.

 لربما يكون الوالدان مسلمان صالحان يقيمان الصلاة ويؤتيان الزكاة ويحجان ويصومان رمضان و يرزقهم الله بطفل مصاب بمرض ولادي في القلب ..  المسلم الصادق والمؤمن الصادق سيقول الحمد لله , فالله يختبرهم،

 أما الناكر لنعم الله أو من لا يستطيع اجتياز الامتحان الصعب سيقول لماذا؟!  ويبدأ بالتذمر ويشتكي إلى الله لمَ رزقه بطفل معاق ومصاب بمرض ولادي في القلب .

و كلما صَعُبَ الاختبار عَظُمَ الجزاء ... مثلاً: إذا دخلت امتحان البكالوريوس , إذا نجحت فيه, ستتخرج و تحصل على البكالوريوس , أما إن نجحت في امتحان الدكتوراه بجانب التخرج تحصل على لقب دكتور , ولكن اجتياز امتحان الدكتوراه أصعب بكثير من اجتياز امتحان البكالوريوس .

إذن كلما صَعُبَ الاختبار, عَظُمَ الجزاء , فلربما الله سبحانه وتعالى لا يريد لهؤلاء الوالدين فقط الجنة , بل جنة الفردوس.

 لذا حتى لو أنهم سيدخلون الجنة فالله يريد أن يدخلهم بدرجة أعلى في الجنة , و لهذا قال نبينا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم الحديث في سنن الترمذي ( سأل رجل: يا رسولَ اللَّه , أَيُّ الناسِ أَشدُّ بَلاء ؟ قال: الأَنبِياء ثُم الأَمثَلُ فَالأَمثَل) فيُبتَلَى الرجُلُ على حسب دينه , فكلما أصبحت أكثر تقوى سيعطيك الله اختباراً أصعب,  أنت دخلت إلى الدكتوراه لأنك حصلت على درجات عالية فيما قبلها , إذن فالاختبار أصبح أصعب, امتحان الدكتوراه أصعب لذا هنا أيضاً, فإن تقوى الأنبياء لا تقارن بباقي البشر , رغم أنهم أنبياء, حتى الأنبياء قد اختبرهم الله , لا يوجد نبي تم تركه هكذا بدون اختبار, و لأن تقوى الأنبياء عالية جداً فقد ابتلاهم الله أكثر من أي إنسان آخر , مقارنة بك و بي أصعب بكثير.

 إذن كلما زاد تقواك وصدقك كلما ابتلاك الله ,  إذن المؤمن الصادق إذا واجه شدة سيقول سبحان الله و الحمد لله , يعتبرها اختبار أو بلاء .. أي مصيبة تحدث فهي إما اختبار وإما عقاب.

 بالنسبة للأنبياء وهم الأكثر تقوى لم تكن عقاب بل اختبار , و قد نجحوا في الاختبار,  و عند حصول أي شيء جيد للشخص فهو إما ثواب و إما اختبار .. فالثراء يمكن أن يكون جزاء و يمكن أن يكون اختبار ,  أي شيء جيد يحدث لك, فهو إما ثواب أو اختبار..  لهؤلاء الذين انحرفوا عن الطريق الحق, إذا أرادوا ثروة يعطيهم الله ثروة و يختبرهم و يفشلوا , و في هذه الدنيا يحصلون على نصيبهم من المتعة و لكن في الآخرة ليس إلا الخسران المبين

 

 

اذا كان لديك استفسار او سؤال يخص نفس الموضوع اضغط هنا لأرساله للموقع:

أرسل سؤالاً


مقالات اخرى