هل ألف النبي محمد صلى الله عليه وسلم القرآن ليجني مكاسب مادية؟
أحد ادعاءات نقاد الإسلام هي أن الرسول قد كذب عندما قال إنه ليس هو من ألف القرآن وقال إن القرآن كلام الله، وذلك حتى يجني مكاسب مادية.
نحن نعلم أن هناك العديد من الرجال الذين ادعوا النبوة أو ادعوا أنهم مبشرون من أجل أن يعيشوا حياة مترفة، ولدينا اليوم أيضًا مئات وآلاف الأمثلة على ذلك ولكن إذا رأوا شكل حياة الرسول "صلى الله عليه وسلم"، سيجدون أنه عاش حياة أكثر ترفًا قبل أن يدعي النبوة وليس بعدها، حيث تزوج في سن 25 عامًا بامرأة ثرية تدعى خديجة بنت خويلد "رضي الله عنها"، أما حياته بعد ادعاءه للنبوة كانت أكثر مشقة وصعوبة، فإذا تحدثنا عن المال فينبغي أن تكون حياته أفضل ماديًا بعد ادعاءه النبوة مثلما نرى اليوم بعدما يدعي أحدهم أنه نبي أو قديس أو مبشر، وعلاوة على ذلك لدينا العديد من الأحاديث الصحيحة منها ما ورد في كتاب رياض الصالحين للنووي الحديث 492 أن إحدى زوجات النبي "صلى الله عليه وسلم" وهي عائشة "رضي الله عنها"، قالت: "إنا كنا ننظر إلى الهلال ثم الهلال، ثلاثة أهلة في شهرين، وما أوقدت في أبيات رسول الله "صلى الله عليه وسلم" نار"، دلالة على انا الطعام لا يُطبخ لمدة شهر أو اثنين في بيت الرسول "صلى الله عليه وسلم"، "قال عروة: قلت يا خالة (أي يا عائشة): فما كان يقيتكم؟ قالت: الأسودان التمر والماء"، وبعض الأوقات حليب من الجيران، يوجد العديد من الحالات، بل وقد ذكر ذلك في القرآن بأن حياته "صلى الله عليه وسلم" كانت بسيطة جدًا رغم أنه كان يقدر أن يعيش حياة أفضل وأكثر ترفا من أي أحد في الجزيرة العربية كلها، وهذا هو سبب اعتراض زوجات النبي "صلى الله عليه وسلم" بقولهن: لماذا علينا أن نعيش حياة كهذه مع أنه بوسعنا أن نعيش حياة أفضل وأكثر راحة؟ فأنزل الله تعالى فورًا على نبيه "صلى الله عليه وسلم" آيات من سورة الأحزاب 33 الآيتين 28-29:
"يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآَخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (29)"، هذا يعني أن زوجاته "صلى الله عليه وسلم" كنَّ معترضات بقولهن: لماذا نعيش حياة بسيطة في حين أنه بإمكاننا أن نعيش على الأقل حياة أفضل؟ فأوحِيَت إليه على الفور تلك الآيات، بعدها تابت زوجات النبي "صلى الله عليه وسلم" واستغفرن الله وفضلن حياة الدار الآخرة على هذه الحياة الدنيا، ولدينا مثال آخر نجده في الحديثين النبويين في كتاب رياض الصالحين رقمي 465-466 حيث قال بلال بن رباح "رضي الله عنه" أن الرسول "صلى الله عليه وسلم" متى استقبل أي هدية فهو لا يستأثر بها لنفسه أو يحتفظ بها للمستقبل بل يقدمها للفقراء، وقد ذكر القرآن نفسه ذلك أيضًا في سورة البقرة 2 الآية 79: "فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (79)"، تخيل الآن لو أن الرسول "صلى الله عليه وسلم" قد كذب وقال إن هذا الكتاب (أي القرآن) من عند الله عز وجل ولكنه في الحقيقة هو الذي ألف هذا الكتاب، فمن المحتمل جدًا في يوم من الأيام ان يُكتشف أمره، وعندها سيعلن نفسه إذن-إن كان هو من ألف القرآن-لأنه قال: "فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ"، فإن كان قد كتب القرآن ونسبه إلى الله عز وجل فما كان ليذكر آية كهذه أبدًا في القرآن.